2010-08-25

الغسل بدون الماء

غسل الملابس هو عمل يومي رئيسي لمعظم الناس في جميع أنحاء العالم. والكل يتطلع إلى التوفير في الماء والطاقة والمال في كل مرة يغسل فيها الملابس. فضلا عن أن الأثر البيئي لعملية الغسل، بالنظر إلى كمية المياه والكربون المطلق في الجو، هو أثر كبير على مدى العمر الافتراضي للملابس. وهناك بعض الخيارات أمام المستهلكين لجعل عملية الغسل الحالية أكثر "صداقة للبيئة" (على سبيل المثال، تشغيل الغسالة بحمولتها الكاملة، والغسل بدرجات حرارة منخفضة، والتجفيف على حبل الغسيل دون التجفيف بالمجففة). وقد طورت عدة تقنيات حديثة لتحسين استدامة هذه العملية وذلك بإنقاص كمية المياه والطاقة المستخدمة على حد سواء. وهذه العمليات عرفت باسم "الغسل بدون الماء". وقد تتضمن عملية الغسل بدون الماء تقنيات جديدة أو نوعًا جديدًا من التنظيف الجاف، مع أنها قد تشمل أيضا الغسل باستخدام كميات قليلة جدا من الماء. ويكفي أن نعلم أن الغسالة الآلية تستهلك 35 كيلا (تعريب مقترح للكيلوغرام، وهي على وزن ميل) من الماء لكل كيل واحد من الملابس بالإضافة إلى كمية كبيرة من الطاقة لتسخين الماء ولتجفيف الملابس لاحقا.

 التنظيف بالهواء

وهو مزيج من الأيونات السالبة الشحنة والهواء المضغوط ومزيل روائح مضاد للبكتيريا حيث تستغرق عملية التنظيف دقائق معدودة، ودون استخدام الماء أو المنظفات إطلاقا، وهي تحافظ على الملابس وألوانها. تساعد الأيونات السالبة فعل الهواء المنفوث في رص الغبار، وتعطيل البكتيريا وإزالة الروائح. تكون الملابس بعد غسلها بالهواء مشبعة بالأيونات السالبة الشحنة والتي ثبت أنها مفيدة للصحة حيث تحسن دوران الدورة الدموية وهي مضادة للاكتئاب. إن التنظيف بالهواء هو تصميم لفكرة لم تسوق، ولكنها فكرة يمكن أن تلهم مخترعي المستقبل. بالطبع الغسيل الناتج من هذه التقنية لا يحتاج إلى تجفيف. وهي فكرة طلاب من سنغافورة فازوا بجائزة تصميم "ElectroLux Design Lab Award back in 2005".



حبيبات النايلون

وهي فكرة "ستيفان بوركينشو" وهو كيميائي نسيج من جامعة ليدز في بريطانيا. وقد ركز بوركينشو أبحاثه على تحسين قدرة الأصبغة على إدخال جزيئاتها داخل ألياف النسيج. وقد وجد أن حبيبات النايلون هي أفضل وسط لصباغة النسيج. ولكن عندما عكس "بروكينشو" هذه الفكرة وجد أن الأصبغة تتصرف مثل الأوساخ، وأن هذه الحبيبات تقوم بامتصاص الأوساخ من النسيج. وقد استخدم النايلون لأن من خواصه أن يصبح ماصًا فائقا عندما يخلط مع ملابس مبللة أو عندما يستخدم في شروط رطبة. وقد وجد أيضا أن حبيبات النايلون مقاومة جدًا مما يمكننا من إعادة تدويرها مرات ومرات قبل أن تصبح أقل امتصاصًا. نحتاج فقط إلى كأس صغير من الماء وكمية صغيرة من المنظفات بالإضافة إلى حبيبات النايلون التي تضاف مع بعضها إلى المواد التي سنغسلها. ويشبه النموذج الأولي للغسالة إلى حد كبير الغسالة العادية ذات فتحة التحميل الجبهي. تعزل الحبيبات في الغسالة لاحقا عن القماش. يمكن استخدام الحبيبات عدة مئات من المرات قبل إعادة تدويرها. أسس "بوركينشو" شركة سيروس (Xeros) والتي تعني جاف باليونانية، من أجل تطوير هذه الفكرة وتسويقها. وقد صرحت الشركة أنه يمكن توفير حتى 90% من الماء و 40% من الطاقة المستخدمة عادة في عملية الغسل (إذا تضمن الأمر توفير الطاقة من التنشيف والكلفة البيئية لإعادة تدوير الحبيبات). وقد يعتقد البعض أن هذه الطريقة قد تؤدي إلى اهتراء النسيج، ولكن الدراسات في شركة سيروس أكدت عدم وجود أي فرق في الاهتراء بين تقنية سيروس وعملية الغسل التقليدية. وقد أجريت هذه الدراسات على الحرير والألبسة المطرزة والأقمشة الحساسة الأخرى. المزايا البيئة كبيرة فعلا، فالتوفير في إصدار الكربون يعادل إنقاص عدد السيارات في بريطانيا وحدها بمقدار ميلوني سيارة.

ثاني أكسيد الكربون فوق الحرج

هي أيضا طريقة للغسل بدون الماء. يخضع ثاني أكسيد الكربون إلى ضغط كبير فيتسيل ويصبح وسطا للغسل وتبادل الأوساخ مع القماش. وهذه الطريقة لا تزيد من نسبة CO2 في الغلاف الجوي التي تزيد من تأثير غازات الدفيئة على الاحترار العالمي، وإنما يسترجع CO2 بعد الغسل ويعاد استخدامه. ولكن الضغوط العالية التي تستخدم في الآلات تجعلها غالية الثمن. والميزة الجيدة في الغسل باستخدام الحبيبات والغسل باستخدام ثاني أكسيد الكربون فوق الحرج هي أن الملابس تكون جافة مباشرة بعد الغسل. ولا يوجد ناتج سائل يجب معالجته أو تيارات هوائية يجب معالجتها (كما هي الحالة عند استخدام بعض المذيبات في التنظيف). والتطبيقات التي تستخدم scCO2 تعمل عند درجة حرارة بين 32 و 49 درجة مئوية وضغط بين 1070 و 3500 psi. الموائع فوق الحرجة تكون قادرة على أن تنتشر على السطوح على نحو أسهل من المائع الحقيقي لأن لها قوة شد سطحي أقل. وفي الوقت نفسه، للمائع فوق الحرج قدرة المائع الحقيقي على إذابة المواد التي لا يستطيع كغاز إذابتها فهو يتصرف كمذيب. وفي حالة ثاني أوكسيد الكربون فوق الحرج، فإنه يستطيع إزالة الزيوت والملوثات العضوية الأخرى من السطح حتى لو كان للنسيج طيات وبنية معقدة. وفي نهاية عملية الغسل يخفض الضغط عن ScCo2 فيتحول إلى غاز وتبقى الأوساخ في الحالة السائلة، ويخرج الغسيل ناشفا دون الحاجة إلى تجفيفه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن scCO2 يستخدم أيضا في عمليات الصباغة.

 
وصلات إضافية لمزيد من القراءة

*Supercritical Carbon-dioxide Cleaning Technology Review

2010-07-17

ما هو الفضاء اللوني؟

الفضاء اللوني يشبه الخريطة (يترجمه البعض إلى مساحة اللون مع أن الفضاء ذو تعبير أدق). وخريطة حلب (مدينة شمال سورية) مثلا تبين لك مواقع المعالم الرئيسية المختلفة بإحداثيات xy. يقوم الفضاء اللوني أو خريطة اللون المقام نفسه بالنسبة إلى الألوان. ولعل أبسط الفضاءات اللونية هو الطيف المرئي، كما ترى في الصورة:




فعند النظر إلى الطيف من اليمين إلى اليسار يتغير طول الموجة من حوالي 400 نانومتر في أقصى اليمين وحتى 700 نانومتر في أقصى اليسار. إذن تظهر هذه الخريطة اللون كتابع لطول الموجة. ومع أنه فضاء لوني مستخدم استخداما شائعا إلا أنه محدود، لأنه يصف فقط كيف تتغير صبغة اللون (أو كنه اللون) مع طول الموجة. وصبغة اللون هي إحدى الطرق الثلاث التي يتفاوت فيها اللون. وأكثر الفضاءات اللونية المعروفة جيدًا هو الفضاء اللوني سي آي إي ذو المخطط اللوني الموضح في الصورة التالية:



يظهر هذا المخطط اللوني الألوان مرتبة في مستوٍ حيث يمكن الدلالة على أي لون بمقدار بعده عن المحور الشاقولي (الإحداثي x)، ومقدار بعده عن المحور الأفقي (الإحداثي y). ويظهر هذا الفضاء بُعدين للون فقط، الصِبغات مرتبة على نحو دائرة تقريبا، والتلون الذي يزداد بابتعادنا عن النقطة البيضاء (النقطة الظاهرة في وسط المخطط تقريبًا). ويمكن أن نأخذ بعين الاعتبار المكون الثالث للون وهو السطوع، ويمكن تخيله بالبعد الخارج من مستوي الصفحة باتجاهنا.
ولقد عرّفت هيئة الإضاءة الدولية عدة فضاءات لونية مختلفة، مثل الفضاء اللوني إل آ بيه (CIELAB color space)، وهو فضاء لوني ثلاثي الأبعاد يحدد اللون فيه باستخدام قيم *L، و *a، و *b.

ومن المفيد أن نعرف أن لأجهزة العرض وإظهار الصور فضائها اللوني الخاص بها. خذ مثلا الشاشة التي تستخدمها لرؤية هذه المقالة، فهذه الشاشة تغير مقدار الضوء الأحمر والأخضر والأزرق الصادر عند كل نقطة من هذه الشاشة. ويبين الشكل التالي كيف يمكن أن يبدو الفضاء اللوني ح خ ز (RGB color space) لجهاز العرض عندك:



في المكعب ح خ ز، يكون اللون الأسود في الأسفل وإلى اليسار، وعند زيادة قيم ح خ ز تتولد الألوان، ويتولد اللون الأبيض عندما تكون قيم الألوان الأولية ح خ ز كاملة. إذن، الفضاء اللوني ح خ ز يعرف العلاقة بين قيم ح خ ز واللون. ولكن هناك أمر مثير للاهتمام فعلًا، وهو أن الفضاء اللوني لأجهزة العرض المختلفة مختلف أيضًا، بل حتى لو أننا أخذنا جهازًا واحدًا –مثل الشاشة التي تقرأ منها هذه المقالة- وغيّرنا إعدادات الجهاز (السطوع، والتباين، وتصحيح الغاما، ودرجة الحرارة اللونية، إلخ.) لتغير معها الفضاء اللوني. أي أن العلاقة بين ح خ ز واللون تتغير بتغيير هذه الإعدادات، وهذه مشكلة عظيمة. تخيل لو وجدت عدة خرائط لمدينة حلب، وكل واحدة منها تظهر مكان قلعتها الشهيرة في مكان مختلف. سيكون الأمر محيرًا حقًا. هذه هي مشكلة تقنية أجهزة العرض الملونة، فإذا لم نقم بعمل شيء ما حيال ذلك، فإننا وبكل مرة ننظر فيها إلى صورة ملونة على جهاز عرض مختلف سوف تتغير فيها الألوان تغيرًا ملحوظًا. وهنا تأتي أهمية إدارة الألوان.
تقوم إدارة الألوان بنوع من تعويض قيم ح خ ز المرسلة إلى كل جهاز عرض بحيث يُظهر الألوان دائمًا نفسها تقريبًا. وللقيام بهذا التعويض يحتاج برنامج إدارة الألوان، والذي يكون مُضمنًا في أنظمة التشغيل مثل ويندوز أو أبل، إلى معرفة بعض المعلومات حول الفضاء اللوني لكل جهاز متصل بالحاسوب، وكل جهاز يحتاج أن يكون له بروفيلًا يصف العلاقة بين فضائه اللوني نسبة إلى الفضاءات اللونية المعيارية.

ما مدى فعالية إدارة الألوان؟

في الحقيقة، يعتمد ذلك على عدة عوامل. فمعظم الطابعات، وأجهزة التصوير، والماسحات الضوئية، والشاشات، تأتي معها مشغلات (Drivers) تتضمن البروفيل اللوني للجهاز. وهذا يضمن مستوى أساسيًا في إدارة الألوان، وهذا بالنسبة لأغلبية المستخدمين أكثر من كاف. ولكن إن أردت أداءً أفضل فستحتاج إلى القيام ببعض القياسات التي تسمح بتكوين بروفيل أدق للألوان. وهناك في السوق عدة أنواع من هذه الأجهزة التي تمكنك من القيام بإدارة الألوان على جهاز العرض عندك، أذكر منها ColorMunki ، Spyder.

وعلى أية حال، ليست المسألة مسألة صعوبة ما ستسعى إليه، إلا أن إدارة الألوان لن تكون مثالية. وهذا يعود إلى أن الأجهزة المختلفة لها سلاسل لونية مختلفة، فالطابعة يمكنها إظهار ألوان لا يمكن لجهاز العرض عندك إظهارها، والعكس صحيح.

2010-05-08

النسيج البيئي والتنمية المستدامة

التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة [1]. والاستدامة في العمليات الصناعية تعني إنشاء المبادئ والممارسات التي يمكن أن تساعد على حفظ توازن الطبيعة، أي تجنب التسبب في ضرر دائم يتعذر إلغاؤه بالموارد الطبيعية للأرض.

ظهور مفهوم الاستدامة
قامت الثورة الصناعية في القرنين التاسع عشر والعشرين وقامت معها التنمية الصناعية والتقدم العلمي والتقني، وكان الاهتمام منصبًا على تلبية الطلب المتزايد، والوصول إلى كفاءة عالية في التصنيع للمنافسة على الأسواق. ولم تكن الدول السائرة في درب التصنيع لتلقي بالا إلى القضايا البيئة والنفايات الصناعية الناتجة، أو كانت موضوعة في آخر أولوياتها، ولم تضع في حسبانها أن الموارد الطبيعية إلى زوال وفي تناقص مستمر مما يهدد بعواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها. وقد أخذ الاهتمام بالقضايا البيئة يزداد بعد أن طغى الإنسان في الأرض فارتفعت حرارتها وشرعت الأنهار الجليدية بالذوبان، وكثر عدد الفيضانات والأعاصير التي تضرب هنا وهناك، وظهرت الأمراض الجديدة والفيروسات الفتاكة التي لم تكن في من قبلنا! ومن أجل الاستمرار في التنمية الاقتصادية العالمية في القرن الحالي أصبحت قضايا الاستدامة والتجديد (renewability) وقابلية إعادة التدوير (recyclability) محور الأنشطة الاقتصادية.

كانت معاهدة كيوتو سنة 1997 أول محاولة جادة من الدول الصناعية للحد من انبعاث غازات الدفيئة التي أجبرتهم على تخفيض الانبعاثات بنحو 5,2% نسبة إلى مستوياتها المقاسة سنة 1990. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولة عن 55% من هذه الانبعاثات السامة لم تصادق على المعاهدة. وقدمت النسخة المنقحة تنازلات كبيرة لإرضاء جميع الأطراف المعنية وخفض شرط الحد من الانبعاثات إلى 2% ومع ذلك أخفقت في كسب تأييد الولايات المتحدة قبل دخولها حيز التنفيذ في شباط 2005. وقامت الدول على إثرها بفرض رسوم على الصناعات الملوثة والمنتجة للمواد الضارة بالبيئة والمستخدمة للمعادن الثقيلة، وشجعت على الحد من استخدام المواد الضارة، وإعادة تدوير المواد. وبقي تنفيذ وضمان الامتثال الكامل لهذه التوجيهات أمرًا كبيرًا وتحديًا هائلا يستغرق سنوات عديدة لتصبح هذه التوجيهات شعبية وراسخة تمامًا، ولكن تزايد القلق العام والاستعداد الواضح للمجتمعات في مختلف أنحاء العالم لتغطية التكاليف المرتبطة بحماية البيئة، دفع القضية لتصبح مسألة وقت قبل أن تصبح ثقافة عالمية وأخلاقية في المجتمعات التي تحترم البيئة التي نعيش فيها جميعنا.

لا يوجد حاليا توجه أوربي يستهدف الصناعات النسيجية أو الفضلات الناتجة عنها على وجه التحديد، ولكن الحجم الكبير للمكوثرات (بوليميرات) الاصطناعية والعضوية المستخدمة في التطبيقات المختلفة سيدفع إلى إيجاد هذه التوجهات والقوانين. وقد تزايد شعور منتجي النسيج بهذه الحتمية وضرورة جعل صناعتهم أكثر لطفا بالبيئة، وأن الاستثمار الجاد والالتزام المستمر بالتقنيات الجديدة والمبتكرة يلغي أو يخفض من الفضلات الناتجة والغازات السامة المنبعثة والمخلفات والمنتجات الثانوية. لا بد أن القوانين الوطنية والدولية ستدفع الحاجة إلى الحد من النفايات، ولكن يجب ألا ننسى أن التحديات ما تزال قائمة في مجالات التصميم والأزياء للدفع إلى ظهور منتجات نسيجية من المواد التي أعيد تدويرها من النفايات باستخدام عمليات قابلة للاستمرار وناجحة تجاريا.

ما معنى الاستدامة في صناعة النسيج؟
الاستدامة في النسيج تشير لأي طريقة مستخدمة للوصول إلى إنتاج النسيج أو معالجته بأكثر الطرق صداقة للبيئة. ولإنتاج النسيج طرق عدة تتنوع معها وسائل تعديل الإنتاج لجعله أقل ضررًا على البيئة.
سأضرب مثلا إنتاج القميص القطني. فبدءًا بمرحلة زراعته، يمكن أن نعد التخفيف من استخدام المبيدات الحشرية (ليس لتأثيرها الضار على طبقة الأوزون فحسب، وإنما لصحة المزارعين أيضا)، وتخفيض كمية المياه المستهلكة في الري (حفظ موارد الأرض)، وإنقاص مساحة الأرض المخصصة للزراعة، إحدى طرق تحويل العملية إلى عملية مستدامة. وأثناء مراحل تصنيع القماش المستخدم في هذا القميص القطني، يمكن أن نعد سلامة الناس العاملين في المصنع، والطرق اللازمة لجعل القماش يغسل عند درجة حرارة أقل عند الاستخدام النهائي (أيضا لحفظ الموارد)، إحدى طرق تحويل العملية إلى عملية مستدامة. وفي طور تصميم القميص والشحن والنقل، يمكن أن نعد سلامة العاملين في هذا المجال، والتقليل قدر الإمكان من التغليف اللازم المستخدم، والطرق الصديقة للبيئة في شحن المنتج حول العالم، وكيفية بيع القميص في المحلات، وكيفية استخدام المستهلك له، وإطالة عمر القطعة قبل أن تطرح في مراكز النفايات، من طرق التنمية المستدامة.

وهذا مثال بسيط، وهناك العديد من المناقشات بدءًا من سلامة الناس العاملين في هذا القطاع، والتأثيرات البيئية للمواد الكيميائية المستخدمة في تلوين النسيج، ويجب أن نفهم أن صناعة نسيج يحقق شروط التنمية المستدامة 100 % غير ممكن، فمن الصعب موازنة كل الأمور.

الاستدامة عبء
في دراسة نشرت في مجلة هارفرد التجارية [2] أكد الكتاب أن الاستدامة ليست عبئا على الميزانية كما يعتقد العديد من المدراء التنفيذيين. فأن تصبح صديقا للبيئة يمكن أن يخفض التكاليف ويزيد من إيراداتك. هذا هو السبب الذي يجعل الاستدامة معيارًا لجميع أنواع التحديث والتطوير. وإن الشركات التي تجعل الاستدامة هدفا لها مستقبلا هي فقط التي ستتميز بالتنافسية، وهذا يعني إعادة التفكير في نماذج الأعمال التجارية، فضلا عن المنتجات والتقنيات والعمليات.

ثبت المراجع


2010-05-01

النسيج السادة

النسيج السادة (Plain weave) هو إحدى التراكيب النسجية الثلاثة المهمة في نسج الأقمشة (التركيبان الباقيان هما نسيج أطلس ونسيج مبرد). وهو نسيج ذو تركيب بسيط تمر خيوط السدى فوق وتحت خيوط اللحمة وعلى أساس كل فتلة بحركة عكسية للمجاورة.

في النسيج السادة يتشابه منظر وجه القماش وظهره. وتتسم الأقمشة ذات التركيب النسجي السادة كما يدل اسمها الانكليزي (plain) بسطح مسطح. وهذه الخاصية نافعة جدًا في طباعة النسيج، والزخرفة البارزة للنسيج (embossing)، وصقل النسيج (Glazing)، والزأبرة (napping)، وعمليات الإنهاء السطحي للنسيج.

وهناك أنواع أخرى من النسيج السادة تكون فيها خيوط اللحمة ذات قطر أكبر من خيوط السدى. ويمكن زيادة القيمة الجمالية للنسيج السادة بإضافة خيوط سدى أو لحمة ملونة، أو استخدام الخيوط المزخرفة أو المضخمة، أو الخيوط بنسبة زوي وحجم مختلفين، أو خيوط الشعيرات.

الأداء
تؤثر نسبة تداخل الخيوط الكبيرة في السنتمتر الواحد من النسيج السادة تأثيرًا كبيرًا على أدائه مقارنة بأداء النسيج الأطلس أو المبرد المنسوجة بالخيوط ذات النمرة المماثلة. ولكن الأقمشة المنسوجة وفق النسيج السادة هي أكثر تجعدًا، وتظهر التجعيدات بوضوح، وتنسّل بطريقة أسهل، وذات مقاومة تمزق أقل، وهي أقل امتصاصا للماء.

النسيج السادة المتوازن
معظم مجموعة النسيج السادة تكون متوازنة. في هذه المجموعة تكون نمرة خيوط السدى واللحمة تقريبا متساوية. تتفاوت الأقمشة المنسوجة في الوزن بين الخفيفة جدا والثقيلة جدا. فقد تكون مفتوحة أو كثيفة بحسب نمرة القماش، وقد تحتوي أي نوع من الخيوط. وقد تستخدم الخيوط بمختلف أنواع الألياف، في خيوط السدى وخيوط اللحمة معطية أقمشة ممزوجة أو موحدة.

تسمى الأقمشة ذات التركيب النسجي السادة بأسماء متنوعة بحسب وزن النسيج وبنية الخيوط المستخدمة، وتأثير النسج الملون، والإنهاء. من هذه الأسماء:
* باتيست (Batiste): تعبير عام يطلق على الأقمشة المنسوجة خفيفة الوزن من القطن أو الرايون بتركيب نسجي سادة، يستخدم في الملابس والمناديل والبلوزات، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى النساج الفرنسي جين باتيست
* باكرام (Buckram)
* كاليكو (Calico): قماش منسوج من الخيوط القطنية، بدأت صناعته في مدينة كلكتا بالهند.
* كامبريك (Cambric)
* قماش قنب (Canavas)
* شالي (Challis)
* شمبراي (Chambray): قماش نسيج سادة يمتاز بالبياض المطفأ من خيط أبيض في السدى وملون في اللحمة يستخدم في البلوزات والقمصان والبطانة.
* قماش الجبنة (Cheesecloth)
* كراش (Crash)
* كريب (Crepe): الأقمشة الخفيفة التي تتميز بوجود أشكال خاصة على سطحها كالبروزات والتعرجات وخلافه وأساس تركيبها هو استخدام خيوط ذات برم عال جدا.
* كريتون (Cretonne)
* كرينولين (Crinoline)
* قماش دك (Cotton duck): نوع من أنواع الأقمشة المتوسطة والثقيلة الوزن ذات تركيب نسجي سادة من خيوط قطنية مزوية يستخدم في ملابس الجيش والخيام والقلوع.. إلخ.
* قماش فلانل (Flannel): يطلق على نسيج الصوف الناعم متوسط أو خفيف الوزن ذو تركيب نسجي سادة أو مبرد ذو وبرة ضعيفة، أو على الأقمشة القطنية السادة والمبرد ذات الوبرة الخفيفة عديمة الانكماش.
* شبيكة (Gauze): قماش ذو تركيب نسجي سادة مفتوح يشبه الشاش يستخدم في الأربطة الطبية أو الستائر.
* جورجيت (Georgette): قماش خفيف جدًا شفاف من الخيوط الحريرية.
* غنغهام (Gingham): قماش من النسيج السادة أو الخيوط المصبوغة من لونين أو أكثر وذو رسم مربعات.
* لاون (Lawn cloth)
* موسلين (Muslin): نوع من القماش الخفيف الشفاف يستخدم في المفارش والستائر والمناديل والملابس.
* أورغاندي (Organdy): قماش حرير طبيعي رقيق شفاف.
* بركال (Percale): قماش قطني ذو تركيب نسجي سادة، مبيض أو مطبوع يستخدم في الملابس.
* بليسه (Plissé)
* سير سكر (Seersucker)
* شيت (Sheeting): ملايات السرير: قماش منسوج من الخيوط القطنية أو المخلوطة ذو تركيب نسجي سادة متوسط الوزن يستخدم في ملايات الأسرة.
* فوال (Voile): نسيج قطني رقيق شفاف خيوطه ذات برم عال.

النسيج السادة غير المتوازن
تتسم الأقمشة ذات التركيب النسيجي السادة غير المتوازن، وتسمى أيضا بالقماش المضلع، بوجود عروق (ribs) على عرضه تظهر بارزة على وجه القماش وظهره على نحو متكافئ. هذا التكافؤ هو بسبب استخدام خيطين على الأقل من السدى مع خيط اللحمة في تشابك الخيوط لتشكيل النسيج السادة، وينتج سطحا من السدى على وجه القماش وظهره، فإذا كانت خيوط السدى واللحمة مختلفة الألوان فإن القماش يتلون بلون خيوط السدى.

يوجد نوعان من القماش المضلع، منتظم، وبارز. في القماش المضلع المنتظم، يكون لخيوط السدى واللحمة نفس القياس تقريبا، وتكون صغيرة عادة فتكون العروق العرضية التي تشكلها غير واضحة. والقماش المضلع البارز تكون فيه خيوط اللحمة أكبر قياسًا من خيوط السدى. كلما كان الفرق في القياس بين خيوط اللحمة وخيوط السدى، كانت العروق أوضح وأكبر.

إن بروز العروق العرضية يؤثر على قدرة القماش غير المتوازن على مقاومة الحك. وكلما كان العرق أكبر، كانت مقاومة القماش للحك أقل لأن الخيوط البارزة للعروق ستتحمل العبء الأكبر في امتصاص قوة الحك. وينزع إلى استخدام خيوط السدى الصغيرة القياس في أغلب الأقمشة المضلعة.

الانزلاق (Slippage) هي مشكلة في الأقمشة ذات التركيب النسجي السادة غير المتوازن المكون من خيوط الشعيرات، وخصوصا في الأقمشة ذات النمرة المنخفضة. في الملابس، يحدث انزلاق الخيوط في الأقمشة عندما يكون الشد والحك أعظمي مثلا عند أماكن الدرزة والعراوي. النسيج السادة غير المتوازن ذو العروق الناعمة يكون أنعم وأكثر انسدالية من النسيج السادة المتوازن، في حين يكون النسيج غير المتوازن ذو العروق الخشنة أقل انسدالية وأخشن. ومن الأسماء الخاصة للأقمشة ذات النسيج السادة غير المتوازن، مرتبة وفق تزايد بروز العروق العرضية:
* قماش خفيف (Broadcolth): قماش من النسيج السادة أو المبرد من الخيوط القطنية أو الصوفية أو الاصطناعية خفيفة الوزن.
* قماش بوبلين (poplin): قماش سادة للقمصان ذو أقلام عريضة رفيعة ناتجة عن استخدام خيط من السدى أرفع من خيط اللحمة وعدد خيوط السدى ضعف أو أكثر من عدد خيوط اللحمة في وحدة الطول.
* قماش تافتاه (Taffeta): نسيج حريري رقيق صقيل.
* قماش فاي (Faille): قماش ذو ملمس ناعم منسوج من الحرير الطبيعي أو الصناعي ومضلع في الاتجاه العرضي.
* قماش ريب (Repp)
* قماش غروغران (Grosgrain): قماش مضلع ثقيل الوزن، خيوط السدى من الحرير الطبيعي واللحمة من القطن يستخدم في الشرائط وأقمشة التشريفة والملابس الكهنوتية.
* قماش بنغالين (Bengaline): نوع من أنواع الأقمشة ذات النسيج المضلع، من الخيط المفرد في السدى والخيط المزوي في اللحمة، السدى من القطن أو الرايون أو الأسيتات أو الصوف أو خليط.
* قماش عثماني (ottman): نوع من أنواع النسيج المقلم، خيوط السدى من الحرير وخيوط اللحمة من الصوف وله مظهر قماش التريكو الدربي.

ثبت المراجع
* Textile Science,K.L.Hatch,1993, ISBN 0-314-90471-9

* معجم المصطلحات والتعاريف الفنية في الصناعات النسيجية، م.مجدي العارف، صندوق دعم صناعة الغزل والمنسوجات، الطبعة الثالثة، 2004.

2010-04-26

هل الفراشة ملونة؟

أذكر منذ طفولتي أني اصطدت فراشة بيضاء وأحببت أن أحفظها عندي وأضعها في لوحة أسوة بلوحة جميلة تحتوي بعض الفراشات كنت قد رأيتها عند أحد أقاربي. المفاجأة أني ما أن سكبت فوقها الكحول – كنت أعتقد حينها أنها الطريقة الأمثل – حتى تحولت إلى اللون البني. كان تفسيري في حينها أن الكحول قد حرقها! في الحقيقة لم يكن تفسير الأمر بهذه البساطة.

 تولد الألوان بعدة طرق، فقد تنتج عن الأصبغة والخضب، كما يمكن أن تنتج عن الطريقة الخاصة التي يتفاعل فيها الضوء مع المادة. فالأشعة الضوئية ذات الأطوال الموجية المختلفة تتبعثر بعد سقوطها على المادة بزوايا مختلفة، وهو نفس مبدأ ظهور ألوان الطيف بعد مرور الضوء الأبيض عبر الموشور. فإذا أخذنا هذا الموشور وصغرناه لنضعه داخل المادة، يمكننا الحصول على ما يسمى بالألوان البنيوية (Structural colour). لشرح الأمر سنحتاج إلى تكديس طبقات عدة من موادٍ مختلفةٍ. إن طول موجة الضوء المنعكس كتابع لزاوية السقوط – وبالتالي اللون الذي نراه – يتحدد بالفرق في معامل الانعكاس وسمك الطبقات المختلفة. فالفراشة الزرقاء الجميلة التي نرى صورتها في هذه المقالة تحمل على أجنحتها عروقا تتباعد تقريبا بمقدار طول موجة اللون الأزرق فلا ينعكس منها إلا ذلك اللون فقط. فاللون الحقيقي لأجنحة هذه الفراشة هو البني فهي مكونة من الكيراتين، ولا يوجد فيها أي خضب أو أصبغة.



صور للعروق الموجودة على جناح الفراشة


لقد قامت شركة تيجين بصناعة أول ألياف ملونة بصريًا وسمتها مورفوتكس MORPHOTEX، واستقت فكرتها من فراشتنا الزرقاء الجميلة (Morpho). هذه الألياف ذات بنية صفائحية مصنعة باستخدام تقانة الصغائر (تقنية نانوية)، ويكون ثخن الصفائح من رتبة النانومتر من أجل الحصول على التأثير البصري الملون. وكما ذكرت أن لون أجنحة الفراشة الأزرق الجميل المشع لا يحتوي أي خضب زرقاء، وكذلك ألياف مورفوتكس بدورها لا تحتوي أي أصبغة أو خضب، ولكنها تظهر ألوانًا مثل قوس قزح تبعًا لشدة وزاوية الضوء. وتحتوي الألياف على 61 طبقة متناوبة من عديد الإستر والنايلون، وبالتحكم بثخانة كل طبقة - تتفاوت من 70 إلى 100 نانومتر- يمكن الحصول على الألوان الأساسية مثل الأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي.


فسبحان الله في خلقه. " هَـٰذَا خَلْقُ اللَّـهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان، 11)

2010-02-22

النسيج الخفي أم النسيج الذكي

فكرة الاختفاء تحت عباءة أو قلنسوة هي فكرة قديمة وردت في كثير من الأساطير والقصص الخرافية وقصص الخيال العلمي فضلا عن الأفلام السينمائية. وقد قرأت منذ زمن غير قريب للكاتب الروسي ياكوف بيرلمان في كتابه الماتع "الفيزياء المسلية" فقرة اقتبسها من كتابات هربرت جورج ويلز وتحدث فيها عن الرجل غير المرئي. وكانت الفكرة تقتضي بجعل جميع أنسجة الإنسان شفافة تماما وذلك عندما يكون معامل انكسار الجسم مساويا لمعامل انكسار الهواء. وقد نجح بطل رواية ويلز في تطبيق هذا الاختراع بنجاح على نفسه بالذات، ثم أسهب ويلز في وصف القوى الخارقة التي تمتع بها بطله.

يبدو أن هذه الأسطورة ستفقد جاذبيتها قريبا، فقد تمكن باحثون في جامعة طوكيو من اختراع نسيج يجعل الإنسان غير مرئي. ولا أكتب هنا عن التمويه البيئي الذي تقوم به الحرباء والأخطبوط، وإنما أكتب على وجه أدق عن التمويه البصري "Optical camouflage". فهذا النسيج حقيقة ليس السبب في الإخفاء بذاته، وإنما هو يعكس صورة لما يحجب خلفه، فيخدع العين ويبدو لها أن النسيج شفاف أو ذائب في البيئة المحيطة. إن مبدأ هذا الاختراع بسيط، حيث تقوم كاميرا بالتقاط الصور خلف الشخص ثم تحول وفق خوارزمية برمجية إلى صور تناسب زاوية الرؤية للشخص المراقب. ثم تعرض هذه الصور باستخدام تقنية عرض الانعكاس الخلفي (retro-reflective projection technology). وحينها تبدو المواد المغطاة بمواد الانعكاس الخلفي شفافة. ومواد الانعكاس الخلفي هي مواد تستخدم على بعض الملابس التي تعكس الضوء ليلا. مزيد من التفصيل موجود في هذه الوصلة، ويمكنك مشاهدة هذا الفيديو أيضا.

وقد طبقت هذه الطريقة في التمويه على طائرات الشبح الأمريكية التي يمكنها أن تشتت أشعة الرادار ولكنها تعاني من نقطة ضعف أثناء التحليق نهارًا، فشكلها المحدب وضخامة جسمها ولونها الداكن عوامل تجعل رؤيتها بالعين المجردة أمرًا ممكنا، بالإضافة إلى إمكانية إسقاطها نتيجة سرعتها المنخفضة مقارنة بالطائرات الحربية الأخرى. ولذلك طورت صفائح لدائنية خاصة ثبتت على السطح السفلي للطائرة يمكنها أن تعرض صورة لما يمر فوق الطائرة. يمكنك مشاهدة هذا التقرير الخاص عنها في برنامج عن كثب من قناة الجزيرة.

عود على ذي بدأ فقد كشف بيرلمان عن ضعف الرجل غير المرئي وبين أن القوى الخارقة ستكون بلا قيمة لأنه سيكون أعمى. فوظيفة عدسة العين وأعضاء البصر الأخرى هي كسر الأشعة الضوئية بحيث تنعكس صورة الأجسام الخارجية على شبكية العين. ولكن حينما يتساوى معامل انكسار العين مع معامل انكسار الهواء وهو شرط أساسي لتكون شفافة، يزول بذلك السبب المؤدي إلى حدوث الانكسار. وهكذا تمر الأشعة الضوئية عبر العين دون أن تنكسر فلا تغير اتجاهها لتتجمع في نقطة واحدة، ولا يعترضها أي حاجز لعدم وجود الخضاب، ونتيجة ذلك هي فقدان الإحساس بالبصر لدى الرجل غير المرئي.

لقد أعطى الله لمخلوقاته خطوط دفاع أولية حيث تستطيع أن تخفي نفسها عن عيون أعدائها، فجعل حيوانات الصحراء مائلة إلى اللون الأصفر، وكسى الأسماك بالحراشف التي تعطيها لونا فضيا براقا يندمج مع اللون المعدني البراق لصفحة الماء. والحرباء هي خير مثال عن قدرة الله في خلقه، فتأملوا وشاهدوا هذا الفيديو